responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 195
هَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَمَامَ قَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوَّلًا أَعْنِي هُوَ مِنْ كَلَامِ مَنْ قَالَ: هَلْ نَدُلُّكُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ السَّامِعِ الْمُجِيبِ لِمَنْ قَالَ: هَلْ نَدُلُّكُمْ كَأَنَّ السَّامِعَ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْقَائِلِ:
هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ قَالَ لَهُ: أَهُوَ يَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ كَذِبًا؟ إِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ، أَمْ بِهِ جَنَّةٌ [أَيْ] جُنُونٌ؟ إِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ (وَفِي هَذَا لَطِيفَةٌ) : وَهِيَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرْضَى بِأَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، وَلِهَذَا قَسَمَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّهُ مُفْتَرٍ، بَلْ قَالَ مُفْتَرٍ أَوْ مَجْنُونٌ، احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ كَيْفَ يَقُولُ بِأَنَّهُ مُفْتَرٍ، مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْحَقَّ ذَلِكَ فَظَنُّ الصِّدْقِ يَمْنَعُ تَسْمِيَةَ الْقَائِلِ مُفْتَرِيًا وَكَاذِبًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ يَقُولُ جَاءَ زَيْدٌ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أنه لم يجيء وَقِيلَ لَهُ كَذَبْتَ، يَقُولُ مَا كَذَبْتُ، وَإِنَّمَا سَمِعْتُ مِنْ فُلَانٍ أَنَّهُ جَاءَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَيَدْفَعُ الْكَذِبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالظَّنِّ، فَهُمُ احْتَرَزُوا عَنْ تَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ، فَكُلُّ عَاقِلٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ ظُهُورِ كَذِبِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَلَا يَكُونُ الْعَاقِلُ أَدْنَى دَرَجَةً مِنَ الْكَافِرِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَجَابَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى وَقَالَ: بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ في مقابلة قولهم: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَقَوْلُهُ: وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِمْ: بِهِ جِنَّةٌ وَكِلَاهُمَا مُنَاسِبٌ. أَمَّا الْعَذَابُ فَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْكَذِبِ إِلَى الصَّادِقِ مُؤْذِيَةٌ، لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ فَجُعِلَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ نَسَبُوهُ إِلَى الْكَذِبِ. وَأَمَّا الْجُنُونُ فَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْجُنُونِ إِلَى الْعَاقِلِ دُونَهُ فِي الْإِيذَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُعَذَّبُ، وَلَكِنْ يَنْسُبُهُ إِلَى عَدَمِ الْهِدَايَةِ فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ هُمُ الضَّالُّونَ، ثُمَّ وَصَفَ ضَلَالَهُمْ بِالْبُعْدِ، لِأَنَّ مَنْ يُسَمِّي الْمُهْتَدِي ضَالًّا يَكُونُ هُوَ الضَّالَّ، فَمَنْ يُسَمِّي الْهَادِيَ ضَالًّا يَكُونُ أَضَلَّ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ هَادِيَ كُلِّ مهتد.

[سورة سبإ (34) : آية 9]
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)
ثم قال تعالى: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ لَمَّا ذَكَرَ الدَّلِيلَ بِكَوْنِهِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَكَوْنِهِ جَازِيًا عَلَى السَّيِّئَاتِ وَالْحَسَنَاتِ ذَكَرَ دَلِيلًا آخَرَ وَذَكَرَ فِيهِ تَهْدِيدًا. أَمَّا الدَّلِيلُ فَقَوْلُهُ: مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ فَإِنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِرَارًا، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لُقْمَانَ: 25] وَيَدُلَّانِ عَلَى الْحَشْرِ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَمِنْهَا الْإِعَادَةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِرَارًا، وَقَالَ تَعَالَى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ [يس: 81] / وَأَمَّا التَّهْدِيدُ فَبِقَوْلِهِ: إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ يَعْنِي نَجْعَلُ عَيْنَ نَافِعِهِمْ ضَارَّهُمْ بِالْخَسْفِ وَالْكِسَفِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ أَيْ لِكُلِّ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَيَتْرُكُ التَّعَصُّبَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَنْ يُنِيبُ مِنْ عِبَادِهِ، ذَكَرَ مِنْهُمْ مَنْ أَنَابَ وَأَصَابَ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ دَاوُدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُ: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ [ص: 24] وَبَيَّنَ مَا آتَاهُ الله على إنابته فقال:

[سورة سبإ (34) : آية 10]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنَّا إِشَارَةٌ إِلَى بَيَانِ فَضِيلَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَتَقْرِيرُهُ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَقَدْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست